المخرج والملاذ..قصـــــــــــة
 

يبدو علي صاحبنا أنه كمن عثر أخيرا علي الحل , سوف يذهب الي الحديقه القريبه من منزله عله يجد المخرج والملاذ .
علي احد المقاعد الخشبيه المتهالكه يلقي بجسده المتهالك الضعيف ويسند مرفقيه علي ركبتيه ويدفن وجهه بين راحتيه ويسرح ببصره في ذلك الاسود اللامنتهي
.لقد تكاثرت الديون عليه بصوره لم يجد معها مخرجا – وليس ثمه دائن جديد علي استعداد لائتمانه ,كما أن دائنيه القدامي قد دأبوا علي مطاردته طلبا لاموالهم , والامور جميعها تسير من سيء الي أسوأ
بينما هو كذلك اذ قطع عليه حبل افكاره صوت رجل عجوز يبدو علي صوته وملامحه انه قد تجاوز الثمانين من العمر
”اري أن هناك ماينغص عليك حياتك , هلا اخبرتني به لعلي اساعدك ” ….هكذا اوجز الرجل العجوز
وجدها صاحبنا فرصه لتخفيف الهم الذي يجثم علي صدره واسترسل في الحدبث , كما لوكان قد منع زمنا من الكلام , وما ان انتهي من شكواه او قل نجواه حتي فاجأه الرجل العجوز بقوله
” اعتقد اني استطيع مساعدتك , هلا اخبرتني باسمك ” , ثم بسرعه وبدون ان يعطي له الفرصه للحوار أو الاستفسار اخرج من جيبه شيكا و دون بياناته , وناوله لصاحبنا واردف قائلا
”خذ النقود واحلل مشكلاتك , ثم قابلني هنا تماما بعد عام من الان , ولاتنسي أن تدفع لي نقودي وقتها” …………………. ثم استدار واختفي سريعا كما جاء
بذهول لايخفي علي احد تطلع صاحبنا في الشيك فوجده قد مهر بتوقيع ” جون روكفبلبر ” – أحد أكبر اثرياء الولايه _ بمبلغ نصف مليون دولار كاملة ……………..
” هذا مبلغ كبير للغايه , استطيع _ ان اردت _ ان اسدد ديوني كاملة في طرفة عين ” , هكذا اسر صاحبنا لنفسه , الا انه استفاق علي هاتف بداخله يصيح به
” امازلت لاتعي الدرس , هل غابت عنك سريعا تقلبات التجارة ودنيا الاعمال , ان اعمالك لم تنهار بعد , وكل ماحطم معنوياتك وأرق لياليك هو خوفك من المجهول لاحساسك ان ليس لديك سندا يدعمك اذا ما انقلبت الدنيا وساءت اعمالك , اما الان فالوضع غير الوضع ومعك هذا الشيك الذي سيصبح لك سندا قويا , فلتبدأ حياتك من جديد بروح جديدة ,لملم جراحك, ورتب احوالك , وانهض بأعمالك واحتفظ بهذا الشيك سندا لك لاتقترب منه الا اذا دعى الداع , واعلم ان مكمن قوتك في احساسك انه معك “
هكذا استراح صاحبنا لهاتف نفسه وغمغم في نفسه ” ليكن هذا , وسأحتفظ بهذا الشيك في خزينتي ولن اجعل منه حلا لمشكلتي , بل سأجعله داعما وسندا لي في ايجاد حل لمشكلتي
بهذه الروح المتجددة وتلك الثقة التي اندفعت في شرايينه والطمأنينة التي سرت في نفسه , عاد صاحبنا الي اعماله يصلح منها ماانكسر, ويهندم منها مافسد , بعقد الصفقات ويعيد جدولة الديون , ويبيع ويشتري حتي اذا مامرت الشهور كان قد سدد جل ديونه _ ان لم تكن كلها _ والشيك باق في مكانه لم تمتد اليه يد
ايام ثم شهور , وفي الموعد المحدد _ بعد عام _ يعود صاحبنا الي ذات الحديقة ليلتقي بمن كان يذكره دوما في نفسه ب ” وش السعد وولي النعمة “, الا أن الدقائق والساعات تمر دون ظهور الرجل العجوز , حتي اذا مااستيأس صاحبنا ومل من طول الانتظار يظهر الرجل العجوز فجأة كما ظهر أول مرة الا انه يبدو كمن يجهل شخص صاحبنا
يقترب صاحبنا من الرجل ويوقفه ويكاد يسلمه الشيك مصحوبا بكل عبارات الشكر والثناء الا أنه يلمح احدي الممرضات تهرول مسرعة في اتجاههما ثم تتشبث بذراع الرجل وهي تصيح به ” أخيرا تمكنت من الامساك بك ” , ثم تتجه بالحديث الي صاحبنا
”أرجو الا يكون قد صدر منه مايضايقك , أنه كثيرا مايهرب من دار المسنين القريبة من هنا وهو مريض وكثيرا ما يدعي لمن يقابلهم انه ” جون روكفبلبر ” مما يسبب لنا حرجا كبيرا” قالت ذلك ثم سحبته برفق وانصرفت
ألجمت المفاجأة لسان صاحبنا , ووقف مشدوها من فرط الدهشة ,وبخطوات متثاقلة انصرف من الحديقة مطرقا برأسه الي الارض , مستغرقا في تفكير عميق
لقد استمر لعام كامل يشتري ويبيع , ويساوم ويعقد الصفقات مقتنعا ان وراءه نصف مليون دولار كامله ثم يتضح بعد ذلك أنها هراء , وان الفكرة كلها لم تكن سوي نتاج عبث جاء بمحض الصدفة من آحد المرضي النفسيين
لقد أدرك اخيرا ان النقود لم تكن هي التي غيرت حياته , بل ان ثقته بنفسه التي عادت اليه كانت هي المحرك الذي دفعه لانجاز ما انجزه
لكن الثقه بالنفس قد لاتساوي شيئا اذا لم تقترن بهدف منشود , وروْية واضحة المعالم, عندها فقط تصبح الثقة بالنفس وقودا متجددا يدفع في النفس من الالتزام والاصرار مايكفي لتخطي أي محن أو عراقيل قد تواجهنا أثناء رحلة الحياة , مادمنا – حتي في أحلك الاوقات- _ نلمح علي البعد هدفنا المنشود

منقـــــــــــــــــــــــــــــــول

رائعه من روائع ماتنقله لنا أخي ابو ناصر الصريخ

والأروع مرورك المشرف حفظك الله أختي الكريمة